وسط أجواء تملؤها البهجة و السعادة، تستعد العروس الإماراتية للإحتفال بليلة عمرها عدة أشهر قبل الزفاف، تبدأ عادةً بإعلان الخطوبة و عقد القران، وتختتم بزغاريد ليلة الزفاف المنتظرة. و على مدى عقود طويلة من عمر الإمارات توارثت العائلات تقاليد زواج نهجها المجتمع منذ زمن البادية، و بعد مرور كل تلك السنوات، لا تزال طقوس الزفاف في المنطقة محافظةً على موروثها التقليدي الأصيل بالرغم مما فرضه نمط الحياة العصرية من بعض التغييرات، شملت خاصةً ليلة العرس، و ما ترتديه خلالها العروس اليوم من فستان أبيض وطرحة، أما فيما يسبق ذلك من تفاصيل خاصة منها ليلة الحناء و مكسار العروس، فنجدها باقيةً، لا تندثر عند الكثير من العائلات، خاصة في أبوظبي و العين و باقي مناطق الإمارات. و اليوم، نعود بالزمن إلى الوراء، لنكشف لكم النقاب عن عادات العرس الإماراتي قديمًا و كل ما يسبقه من تحضيرات، و لكم فيما يلي إيجاد ما تغير بين الأمس و اليوم.
المصاهرة قديما
كان أهل الإمارات حريصين دائمًا على مصاهرة أهلهم و ذويهم و ذلك لإيمانهم الراسخ بأهمية النسب في مزيد توطيد الروابط الأسرية و متن الصلة بينها. إلا أن البعض أحيانًا قد يفضل عدم التقيد بهذا العرف، فتوكل مهمة البحث حينها إلى “الخاطبة”، التي عادةً ما تكون لديها القدرة على إيجاد فتاة تتوفر فيها المواصفات المطلوبة من خلق و حسب و جمال، و ذلك دون المجاهرة بالأمر، لأنه يتنافى والحياء العام الذي تتميز به الأسرة الإماراتية.

المَهْـر
في مجتمع مسلم كالمجتمع الإماراتي، يعد المهر من الشروط الأساسية لقيام أي زواج، و لإن جرت العادة هناك أن يكون هذا المهر في شكل مبلغ كبير من المال يدفعه العريس إلى والد العروس، فإن التقليد في بعض القبائل الأخرى يقضي بتقديم مجموعة مهمة من رؤوس الأغنام أو الجمال، أو إهداء الحلي من طبلة ذهب أو مرية.
الزهبة
و تعني تجهيز العروس بكل ما يلزمها من ذهب، و ثياب، و عطور، و شيل، و غيرها. و عادةً ما توضع الزهبة في غرفة العروس، وسط صندوق يطلق عليه اسم المندوس، حيث تجد في هذا الأخير الخاوير، و المزارية، و دهن العود و الزعفران و العنبر، و النيل الهندي، و السود أبو قفص… و ليس هذا كل شئ، فالعريس الإماراتي مطالب أيضًا بتقديم زهبة لأهل العروس، وهي عبارة على أغنام، و سكر، و شاي، و مواد غذائية كالأرز و الطحين. و في الإمارات لا يمكن أن تقدم الزهبة في أي يوم، بل يتوجب فعل ذلك يوم الإربعاء عصرًا، وسط أجواء احتفالية من الغناء و التصفيق، ويسير الموكب إلى أن يصل إلى بيت العروس، حيث يكون هؤلاء في أتم الإستعداد لاستقبال ضيوفهم من خلال تحضير أطيب الولائم و أشهاها.
تذهيب العروس
وهو تقليد عريق يقضي بإلباس العروس مجموعةً كبيرةً من الحلي و الذهب، حيث يوضع على رأسها و أذنيها مثلاً الكواش و الطاسة والشغاب والشفاق، بينما يحلّى الصدر بالمرية و المرتعشة و أم مفروقة، و تزين اليدين بحلي حب الهيل و أبو شوك و المرامي، أما فيما يتعلق بالخصر و بالأصابع، فعادةً ما يتم ترصيعها على التوالي بحزام ذهبي، و قطع متميزة من الخواتم.
تحضير العروس
عادةً ما تبدأ العروس الإماراتية استعداداتها بشكل مبكر، فقبل 40 يومًا من موعد الزفاف، تقوم الأم أو إحدى القريبات أو “الماشطة”، بإعداد قناع “الورس” وهو عبارة على نبات عشبي يعرف بتأثيره الإيجابي على البشرة لما يضفيه عليها من نعومة. و ليس هذا كل شئ، فلشعر العروس و جسمها نصيب أيضًا، حيث يتم دهن الأول بالمحلب، بينما يقع طلاء الثاني بزيوت الورد، و ذلك لمدة 4 أو 5 أيام تتم خلالها تغطية العروس بشيلة أو خمار أسود شفاف.
حنّة العروس
عادةً ما تحنى العروس الإمارتية ليلتي الإربعاء و الخميس، و ذلك في قدميها و يديها، و تقوم المرأة المختصة في فعل ذلك برسم بعض النقوش على أطراف الكف، بينما تُحنى أطراف الأصابع مع الظفر على شكل كشتبا. و للعريس نصيب أيضًا، حيث يحنى هذا الأخير على طريقة الغمسة، التي تحتم عليه تغميس رجله في الحناء إلى الرسغ، و يداه إلى المرفق.
المكسار
وهو اسم قديم لنوع من أشرعة السفن، كان قماشه يستعمل في صنع خيمة خاصة تجتمع تحتها مجموعة من النسوة الثقات من أهل العروس من أجل عرض زهبة هذه الأخيرة و مختلف الهدايا التي حصلت عليها من عند زوجها، و ذلك أمام مجموعة من المدعوات. و لقد حظي هذا التقليد باهتمام كبير عند أهل الإمارات القدامى، حيث كانت التحضيرات له تستلزم أسبوعًا كاملًا من العمل، تجتمع خلالها نساء الحي تحت شراع المكسار من أجل تجهيز لوازم العروس من ملابس و بهارات و مستحضرات تجميلية قديمة، قبل أن يقام العرض في نهاية الأسبوع.

احتفالات الزواج
يحظى العريس الإماراتي بضيافة أهل عروسه طيلة سبعة أيام بلياليها، تقام خلالها احتفالات الزواج هناك، قبل أن تتم مراسم الزفة إلى عش الزوجية ليلة الجمعة بعد عقد القران. و لطالما برزت خلال هذه المناسبة أواصر الروابط و التضامن التي دائمًا ما اتسم بها المجتمع الإماراتي، حيث يقوم الأهل و الأصدقاء بالمساعدة في إتمام مراسم الزواج و كل ما يسبقه من تحضيرات، علاوةً على ما يقدمونه من هدايا و ذبائح و نقود.
الرقصات
لطالما اتسمت الأعراس الإماراتية برقصاتها المتميزة، لعل أشهرها رقصة العيالة التي عادةً ما تؤدى خلال احتفالات أهل العروس، و فيها يصطف ما يقارب عن سبعين راقصًا في صفين متقابلين، يقومون بالرقص و الغناء على نغمات الدفوف، والطارات، والطوس، والتختمير. أما في موكب الزفة، فتقام رقصات أخرى، على غرار “الليوا”، و “المالد”، والمناهيل”.
الولائم
لطالما كانت الأعراس في الإمارات فرصةً فريدةً لتناول أشهى مأكولات المطبخ الإماراتي الأصيل، حيث جرت العادة أن يتم تقديم طبق الهريس، وهو عبارة على البرّ المغلي على النار مع اللحم، ينتظر حتى يستوي ليقع صبه في حفرة مغطاة، ثم يضرب بالمصدام. و المتعة لا تقف عند ذلك فقط، فالضيف هناك يحظى بمأكولات شعبية أخرى كالفقاع، والريوق، والحلواء البلدي المصنوع من النشاء، و الذي يتم تحضيره بلباب البر مع السمن والسكر، ليغلى في قدر من حديد، و يقدم خاصةً قبل ليلة الزفاف.

موعد العرس
جرت العادة في الإمارات أن يتم الزفاف ليلة الجمعة المباركة، و تسبق المراسم بقراءة المولد الشريف والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، حيث أجمع الأسلاف من أهل المذاهب الأربعة على قراءة هذا المولد لما فيه من ذكر حياته صلى الله عليه وسلم، ابتداءًا من مولده، و وصولًا إلى ما واكبه من إرهاصات نبوية، و هجرة. و لا يزال أهل السلام من سائر الأقطار والمدن الكبار يقيمون المولد ويتصدقون في لياليه.

محتويات بيت العروس
كانت العروس الإماراتية سابقًا تسكن مع أسرة زوجها في بيت واحد، حيث تعد لها غرفة خاصة، تكون مجهزةً بصندوق لوضع الثياب، ومرآة، ومبخرة، وبعض العطور. أما في فصل الصيف، فيخصص لها عريش يتكون من جريد النخل وسعفه، و يكون عادةً مفروشًا بالسجاد و مجهزًا بسرير من الخشب عليه طرح من القطن، ومغطى بمفرش مزخرف.